“يوم لك ويوم عليك”
وأخيراً انتهت سنة 2017 ، أسوأ سنوات حياتي على الإطلاق.
سنة كانت أشبه بكابوس، جعلتني أعيد التفكير في كل جوانب حياتي. فيها تعلّمت المعنى الحقيقي للإرادة والإصرار، فيها عرفت معادن الناس من حولي (للأسف أغلبها طلع مصدّي).
علّمتني 2017 أن العديد من الناس التي كنت أعتقد أنها متفتّحة و خلوقة هي أبعد ما تكون عن ذلك، وأن كل ما تحتاجه هو إختلاف صغير في الرأي، إنتقاد بسيط، لترى الناس على حقيقتها، ولتكتشف أن الاختلاف في الرأي يفسد للود ألف قضية.
سنة قررت فيها أن أعيد ترتيب أولوياتي، وأن لا أضيع وقتي ومجهودي على أناس لا تستحق، همّها الوحيد الاستغلال. قرّرت أن لا أكترث لأي شيء، تعبت من زيف الناس، تعبت من لعبة التظاهر التي باتت هي سبر العلاقات.
أعرف العديد من الناس الذين مرّوا بظروف أصعب بكثير من ظروفي في السنة الفائتة، أشخاص تعبوا وعملوا بكل إجتهاد، ولكن لم يحالفهم الحظ في تحقيق الحد الأدنى مما يطمحون إليه، يرون غيرهم يصل لكل ما يريد، إما بإستحقاق أو بدون أي تعب، فتثبط عزيمتهم ويشعرون باليأس و الإحباط، ولكن علينا جميعاً أن نتّفق أن سنوات حياتنا متقلّبة، منها الجميل ومنها السيئ، وأنّ معادلة السعادة التي كنّا _ولازلنا_ نتلقّنها ليست دقيقة ولا واقعية 100% .
فلطالما ردّدنا أنّ “من جدّ وجد”، وأنّ “من طلب العلا سهر الليالي”…حتى بيت الشعر الشهير :”ما كل ما يتمنى المرء يدركه ..تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ” صار في نظر الناس اليوم سلبياً مرادفاً للانهزام والتّهاون، مع أنه أكثر ما تعلّمنا واقعية، فهو لا يدعو للانهزام كما يعتقد الكثير، بل يدعو للرضا وتقبّل الواقع، أهم بندين لمواجهة العقبات وتخطّيها، وبدأ الناس يتسابقون في نشر الأبيات التالية كبديل:
” تجري الرياح كما تجري سفينتنا ..
نحن الرياح و نحن البحر و السفن ُ
إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ ..
يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجنُ ..
ُّفاقصد الى قمم الاشياءِ تدركها
تجري الرياح كما رادت لها السفنُ”
التي لا أتفق معها شخصياً، مع أنني أحب الهدف منها: تشجيع الناس وإقناعهم أنهم الوحيدون الذين يصنعون واقعهم، ولكنه كلام غير دقيق، ومحبط لكل من يعمل ويجد دون أن يلقى أي نتيجه، والسبب أن هذه الأبيات تلغي إرادة الله، لا مكان فيها للحظ والتوفيق ولا إعتبار لما ليس للإنسان أي سيطرة عليه.
التركيز كان ولايزال على الجهد الذي نبذله وعلى ثقتنا بنفسنا وقدراتنا، ولا يمكن التقليل من أهمية هذه الأشياء، ولكن هناك العديد من الأمور التي هي خارج نطاق سيطرتنا، أمور تقلب موازين حياتنا وتزلزل كياننا: المرض والموت، الحروب والكوارث الطبيعية، غدر الناس…
لا تكتمل معادلة السعادة بالعمل وحده، ولا بالثقة بالنفس وحدها، ولا بالحظ وحده، بل تحتاج لهم كلّهم لتكتمل، تحتاج للتفاؤل والإيجابية، تحتاج للثقة بالله قبل الثقة بالنفس، تحتاج لتقبّل الواقع ومعاندته في آن واحد، تحتاج لأن نتطلع لغد أفضل وأيام أجمل وسنوات أحلى.
فلا تلقوا باللوم على أنفسكم إن قمتم بالمستحيل ولم تنجحوا، لا تحزنوا و لا تيأسوا من مخطّطات لم تكتمل أو قرارات لم تنفّذ، واصلوا العمل بجدّ وتفاءلوا، و كونوا على يقين، أنّ عدم تحقيق ما نطمح إليه ليس هزيمة، بل عثرة مؤقتة، تقوّينا وتشجّعنا على المثابرة.
مع كل الصفعات التي تلقيتها في 2017، لازلت شاكرة ممتنّة لكل ما وهبني الله، لا زلت أرى وأقدّر النّعم العديدة التي أنعم بها علي، وبدل أن أنكسر أصبحت أكثر عناداً وأشد إصراراً على الوقوف بشموخ، أقوى وأثبت من كل السنين التي مرّت.
أتمنى لكم جميعاً سنة أسعد وأحلى وأجمل من التي سبقتها، وأن يمنّ الله عليكم بحياة مديدة ملؤها الخير والصحة وسعة الرزق والحظ الوفير و الأصدقاء الأوفياء … سنة سلام وحرّيّة وعدل.
ورغم كل شيء تفاءلوا، تفاءلوا بالخير، تجدوه بإذن الله.
متأسف إنها سنة سيئة كانت، الله يجيب الخير باللي قادم
آمين
الحياة صعود وهبوط، ومرات الهبوط بكون مدوّي ومنحدر بشكل ما بنقدر نجابهه، بس هيك هيّ الدنيا
🙁
آمين يا رب.
انشالله سنة خير عليكم وعلينا يا هيثم.