نواب برلمان كندا العرب ومهزلة التصويت ضد حركة البي دي إس
سبق وعبّرت عن استيائي وحزني الشديدين بخصوص نتيجة تصويت البرلمان الكندي الذي تم يوم الإثنين السابق. التصويت تداول حركة البي دي إس الفلسطينية، وهي حركة سلمية تهدف إلى التوعية بآثار الاحتلال الإسرائيلي وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، مطالِبةً دول العالم بمقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل وفرض العقوبات عليها، إلى أن تطبِّق القانون الدولي وتحترم حقوق الفلسطينيين وتكف عن انتهاكاتها المتكررة والمستمرة ضد الشعب الفلسطيني، إضافة إلى إعطاء اللاجئين الفلسطينيين حقهم في العودة.
طبعا لن تحظى أي حركة بأي انتباه إلا إذا كانت جهودها ناجعة، وبالفعل آتت جهود الحركة أكلها وانضم إليها العديد، من مختلف الديانات، بمافي ذلك بعض اليهود، ومن مختلف الجنسيات، التي تضمنت حتى بعض الإسرائيليين. ومن هنا بدأت جهود إسرائيلية مضادة وحثيثة بالتصدي للحركة ومحاولة وقفها بشكل رسمي وقانوني، وليس هذا فقط، بل ومعاقبة كل من ينضم لها أو يدعمها أو يجَرِّم إسرائيل أو يحاول تعريتها، في وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أو أي شكل من الأشكال.
وكانت الحكومة البريطانية أول من طبّق هذا القرار بمنع الحركة ومعاقبة كل من كان معها، وبعد أسبوعين، الإثنين الماضي، باشرت حكومة كندا في التصويت إماّ مع منع الحركة ومعاقبة من يدعمها و/أو يسيء إلى إسرائيل، أو التصويت ضد منع الحركة وضد معاقبة من يدعمها و/أو يسيء إلى إسرائيل.
المتابع منكم للموضوع بات يعلم أنّ التصويت النهائي كان لصالح إسرائيل ، وأنّ الحزب الليبيرالي الحاكم وحزب المحافظين (الذي كان وراء طرح القرار بمنع الحركة) صوّتا لصالح إسرائيل، وأنّ كلاّ من الحزب الديمقراطي الجديد وحزب الكتلة الكيبيكية صوّتا ضد المنع ولصالح حركة البي دي إس، على أساس احترام الديمقراطية وحرية التعبير في كندا.
بدافع الفضول ومن باب العلم بالشيء أردت معرفة ما صوتت به نائبة منطقتي وهي من أصول أجنبية، وعرفت أنها قامت بالامتناع عن التصويت، لم أفرح بهذا ولكن أقدّر أنّ لشخص كبر وترعرع على ما يتشرّبه من الإعلام المنحاز لإسرائيل بأن لا يصوّت لصالح إسرائيل ويمتنع هي خطوة إيجابية نوعا ما وإن لم تكن الصحيحة، ولكن الصدمة التي كنت وبكل صراحة لا أتوقعها، وعلمت بها قبل يومين إثنين فقط من خلال قراءتي لمقال، هي أنّ نائبين مسلمين صوّتا لصالح إسرائيل، نعم، صوّتا ضد حركة البي دي إس، وأنّ باقي النواب المسلمين، بما في ذلك نائبين عربيّين ، إمّا تهرّبوا من التصويت بالتغيّب وعدم الحضور، أو حضروا وامتنعوا عن التصويت. لكم أن تتخيّلوا فاجعة الجالية العربية والمسلمة والعار الذي نحس به من هذه الحقيقة المرّة. لم أفكّر للحظة بأن أتأكّد من تصويتات النواب العرب أو المسلمين، اعتقدت أن تصويتهم لصالح الحركة أمر مسلّم به، لأكتشف أنّ كل التصويتات المساندة للحركة، وإن كانت غالبيتها نابعة عن دعم حرية التعبير وليست بالضرورة معادية لإسرائيل، كلها أجنبية، لا عربية، ولا مسلمة. وأنّ من تجري في عروقه نفس دماء ذالك الشعب الذي يعاني الأمرّين من الاحتلال، لم يأبه إلاّ بمنصبه، وخاف من سخط مُوالين إسرائيل.
أنا أعي تماما أنّ السياسة لعبة خطرة ومعقّدة، وأنّ الكلام سهل والفعل صعب، ولكن “يا عمّي إزا مش قدّ الشغلة ليش تدخلوها من أساسه؟”. لتعلموا أنّ الجالية انتخبتكم لتمثّلوها وتكونوا همزة الوصل بينها وبين البرلمان والحكومة، أنتم صوتها، تصويت مثل هذا ليس شيئاً شخصيا يخصكم، هذا صوتنا نحن، وعلى حد علمي، ليس هناك عربي واحد، لا مسلم ولا مسيحي، أيا كان أصله، فرح بالاحتلال، أو يكره أن يعبّر عن رأيه بحرية دون عقوبات. يعني حتى لو لم تكن لديكم الجرأة بالدفاع عن القضية الفلسطينية من حيث المبدأ، وخفتم من إسرائيل _ مع أنّ هذا عار_ ولكن أضعف الإيمان أن تصوّتوا لصالح الحركة مثل الأجانب، من باب حماية حرية التعبير… أمّا لا قضيّة ولا مبدأ ووجودكم وعدمه واحد “طب لشو انتخبناكم بالله؟” بجد أعجز عن وصف مشاعري، هذا وأنا قد انتظرت يومين كاملين لأهدأ بعد قراءتي للمقال، لأنني لو كتبت لحظتها لأسأت الأدب بكل تأكيد.
وأسألكم، بالله عليكم، أبنفس السلبية ستتصرّفوا لو جاءكم أحد أفراد عائلتكم يشتكي، من اعتداء أحدهم عليه، هل ستسكت وتقول لابنك/بنتك/ أو قريبك، “معلش اسكت هذا ابن فلان لو مسح بأهلك الأرض بطلعله؟ “… لأنّ هذا بالضبط ما فعلتموه بسلبيتكم وخوفكم، سمحتم بأن يمارس الاحتلال انتهاكاته لفلسطين دون أي إدانة، فشكرا لحضراتكم، أنا اليوم ككنديّة لا يمكني أن أنتقد أو أُدين أو أتلفّظ بكلمة واحدة ضد إسرائيل، لا في كندا، ولا في أي مكان في العالم. شكرا جزيلا لكم.
أتمنّى أن تتعلّموا الشجاعة من الأجانب، أو من طلاّب الجامعات صغار السن، لم يهمهم ضغوطات أو تهديدات أو إهانات ووقفوا مع الحق والصح. أو تعلّموا من إسرائيلكم، كيف تدعم الجالية أبناءها، وكيف يفزع أصحاب الدين لإخوانهم.
وعليه العوض ومنّه العوض…
وهذا مقال أكثر من رائع وعن نفس الموضوع، بقلم الزميل حسين يونس: هنيئا لإسرائيل بكم