جائحة فيروس كورونا، أزمة عالمية أم مجرّد لعبة إعلامية؟
هل لدينا من الإمكانيات المادية ومن الكفاءات والموارد البشرية أعدادا كافية للتعامل مع آلاف الحالات دفعة واحدة؟ هل تتسع مؤسساتنا الصحية لتسونامي المرضى الذي سينتج في مثل هذه الحالة؟
لكن أذكر تماما أنّه لم ينتشر بنفس القوة أو السرعة التي ينتشر بها الكورونا المستجد حاليا، لذا لم تتخذ دول العالم جمعاء الإجراءات الطارئة المتّخذة في مواجهة الكوفيد-19 حاليا، واعتمدت على التوعية والتثقيف وتوفير المطهّرات ومواد التعقيم في كل مكان حسب إمكانياتها.
أمّا الآن فحتى الدول التي تسمح إمكانياتها بتوفير هذه الأمور تلاقي مشاكل في الحصول عليها، أو تصنيعها أو توفيرها فيما يتناسب مع حجم الطلب عليها. بالأمس فقط، استولت أمريكا على باخرة تحمل شحنة أقنعة طبية لحساب ألمانيا. الوضع وصل لهذا الحد من التّنمّر والقرصنة، ويجعلنا نفكّر في هذا الفيروس وأثره على حياتنا اليوم بجدّيّة.هذا عدى عن شهادات مَن هم في قلب الحدث بالفعل. أناس أبعد ما يكون عن السياسة. ممرضون وأطباء، كلّ يشارك صورا وتغريدات ومقاطع فيديو لينبّه إلى خطورة الموقف على المستوى العالمي.
وإن افترضنا جدلا أن حتى هذا كله هراء، مجرّد “لعبة إعلامية” وأنّهم كلهم متآمرين لبث الرعب في نفوس أمم العالم أجمع (لسبب أجهله صراحة)، فأنا متأكدة تماما أن العديد منكم يعرف شخصا يعمل هو في مستشفى أو يعرف أحدا يعمل في مستشفى في بلد ما، اسألوهم وتيقنوا بأنفسكم لتتضح لكم الصورة. أنا شخصيا لي معارف في إيطاليا وغيرها من الدول الأجنبية والعربية، وأعرف أطباء وممرضين يؤكّدون خروج الوضع عن السيطرة في العديد من الدول.
باعتقادي أعداد الوفيات غير مسبوقة، عالميا، وليس فقط على نطاق دولة بحد ذاتها. باعتقادي أنّ المرعب في هذا الفيروس هو سرعة انتشاره عبر القارات دون أن نعرف ما يكفينا لمواجهته بنجاح، مما يجعلنا عاجزين عن التعامل معه والسيطرة عليه. وباعتقادي أن أغلب البيوت العربية فيها شخص عالأقل مناعته “على قدّه”، فتخيل إن قرأ شاب مقالا من مصدر يفترض أنّه موثوق، أنّ الموضوع هستيريا ليس إلاّ، فتحدّى الحظر، ولم يأخذ باحتياطات السلامة فمرض، ونقل العدوى لأم مسنة، أو صديق مريض بالسرطان، أو طفل مريض بالقلب أو عامل نظافة ذنبه الوحيد أنّه يخدم بلده!
لذا الاحتياط واجب، والالتزام بالقوانين واجب، ومساندتنا لحكوماتنا التي تبذل قصارى جهدها في حدود إمكانياتها واجب، واجب، واجب.
وهذه المشكلة أخف وطأة في بلاد مثل كندا مثلا، حيث أغاثت الحكومة العديد ممن فقدوا أعمالهم بسبب الفيروس، أو الذين لم يفقدوا وظائفهم لكن شركاتهم جمّدت دفع أي رواتب وليس لديهم مدخول يسددوا من خلاله التزاماتهم المادية العديدة، معتمدة على الضرائب القاسية المفروضة على كل شخص له دخل. أمّا البلاد التي لا تفرض مثل هذه الضرائب العالية، واقتصادها متواضع فمن أين لها أن تدعم شعوبها؟
لهذا على الحكومات في مثل هذه الحالة التنسيق مع الشركات الخاصة ونقابات العمّال وغيرهم من الدوائر والمؤسسات لخلق منظومة تحدد من لا دخل له لتعطيهم الأولوية في الدعم ولو بشكل جزئي إلى أن تستقيم الأمور بإذن الله.
تصّدق للجمعيات الخيرية في بلادك أو عبر الإنترنت (أونلاين) للبلدان الأشد حاجة.كُن مسؤولا، بُث الثقة والأمل فيمن حولك، دون أن تستهين بخطورة المرض.