ليلة واحدة في دبي
دبي هي نيويورك … وهي دلهي
هي باريس… وهي القاهرة
هي الرياض وبيروت
دبي هي أنا، وهي أنت
دبي هي كما تريد أن تراها… كما تريد أن تراها
من رواية “ليلة واحدة في دبي” لهاني نقشبندي
في آخر أياّم إقامتي في مدينة دبي كنت في إحدى المكتبات أبحث عن بعض الكتب لأشتريها وإذا بعيني تلمح عنوان “ليلة واحدة في دبي”، والذي كان كافيا لجلب انتباهي وغزو قلبي وإقناع عقلي بشرائه على الفور، لأنني أحب دبي، ولأنني أردت أن آخذ معي تذكارا من نوع آخر في ذاك اليوم، ولكن عندما رأيت اسم المؤلف كنت على يقين أن اختياري في محلّه، فكثير منكم يعلم أنّني من محبيّ كتابات الكاتب الصحفي هاني نقشبندي، ومن متتبعي رواياته باستمرار.
لم أتمكّن من البدء في قراءة الرواية إلاّ مؤخّرا، ولكنّني حين بدأت لم أستطع التوقف. فكما هي حال كل روايات نقشبندي، فإنّ الأسلوب اللغوي السلس، والرمزية التي تضفي غموضا ممتعا على القصة، يحوّلان صفحات كتاباته إلى مغامرة فكرية شيقة فريدة من نوعها.
يطرح الكاتب قضايا إنسانية -وغير إنسانية- عديدة موجودة في زمننا وتغذّيها مجتمعاتنا المدنية بفوراتها الحضارية وسباقها نحو التميز. تساؤلات عن الذات، عن الأنا، عن الأهداف، عن الأولويات،
عن الطموح، العقبات، الحلول، الطبقات، النفوذ، المال، وعن موقع الحكمة والبساطة في خضمّ هذه الفوضى العارمة.
هذه الرواية تجعلنا كلنا نفكر؛ في حالنا، هل نحن راضون عن أنفسنا وحياتنا أم لا؟ هل نستحق ما معنا أم لا؟ هل نحن قانعون بمن معنا وبمهننا وبوضعنا في المجتمع أم لا؟ هل سنظل نجري لنملك المزيد؟ هل نسينا إنسانيتنا؟ هل نجري في حلقة مفرغة؟ ما هو الآخَر بالنسبة لنا؟ ما هو مبدؤنا في الحياة؟ من هو شريك حياتنا؟ هل يجب أن نتغير؟ هل الحب هو الاحتياج للآخر؟ هل فعلا ينفتح باب عندما يُغلق آخر؟ هل الفرص أبدية؟
لقد أحببت فعلا فلسفة الرواية، وأحببت الحِكَم الكثيرة التي سُرِدت فيها والمفاجآت الفكرية التي تخلّلتها، كما أعجبتني وصدمتني نهايتها المفتوحة. هي رواية تحكي واقعنا، وتعكس عالمنا الغريب، الكبير الصغير. ما أغرب الحياة، وما أعقد النفس البشرية.
دغدغت هذه الرواية ذكريات جميلة عشتها في مدينة العجائب دبي، ففي كل وصف لشارع أوحي أو مجمع تجاري لي ذكرى جميلة، وفي كل ركن من أركان هذه المدينة الآسرة عشت تجربة فريدة من نوعها. أنصح كل محبي نقشبندي، وكل محبي دبي، وكل محبي الرواية العربية بقراءة “ليلة واحدة في دبي“. رواية مختلفة وفلسفة شّيقة مثيرة.